ترجمات الشاعرة والمترجمة المصرية: د.عبير الفقي


جمال...ورسان شري

تغسل أختي الكبرى بين ساقيها بالصابون، 
وتملس شعرها المجعد.
عندما كانت في سني، سرقت زوج جارتنا، 
ووشمت اسمه على جلدها.
لأسابيع، كانت تفوح منها رائحة عطر رخيص و جسد يموت.
إنها الـ 4 صباحًا، تغمز لي، ثم تنحني فوق الحوض.
بالثديين الصغيرين كدمات من الإمتصاص.
تبتسم ، وهي تفرقع علكتها قبل أن تقول:
الفتيان حرام ، لا تنسي ذلك أبداً.
في بعض الليالي أسمع صراخها في غرفتها
 فنشغل سورة البقرة كي نخفي صوتها.
كان أي شيء يخرج من فمها يبدو كالجنس.
حتى أن أمي منعتها من التلفظ باسم الله.


*ورسان شير- شاعرة بريطانية من أصول صومالية - كينية. حاصلة على جائزة الشعر الأفريقى من جامعة برونيل وجوائز شعرية أخرى، ولها عدة مجموعات شعرية.


-------------------------


ضفدع الشجرة.... سي.ديل يونج

ليست غرف القلب هي التي تأسره،
ولكنها دهاليز العقل. 
لماذا تتوهج صورته باخضرار وأزرقاق مستمر، 
الوجه و العيون المتسألة وشكل رأسه، 
الذي هو أبعد من أي شيء يمكن تفهمه.
ما هي الدروس التي يجب تعلمها لتجاوز
الفصل الأخير من الحنين؟ 
هذا الصباح ، أحتجز ضوء الشمس كل شيء،
لكن الرياح اجتاحت الشوارع أخذة معها كل شيء ،
حتى الروح. 
أحيانا الستارة لا تقع تماما،
والمسرحية ، بالكاد  تستمر بوضوح .
على حد علمي، هذا ما قد علمتنا أياه الكتب المدرسية، 
وذلك الأعمى ، سرفانتيس الذي ظل يبني باستمرار كي يرى ثم رأى أكثر من اللازم، 
ولم يتمكن حينها من تقبل النقاء المطلق للتجرد. 
لكن اليس هذا هو خطئونا الأساسي؟
ضفدع شجرة ينعق في خلفية الذاكرة
لتعود الأغطية الباردة و الغرفة المظلمة،
لكنك لست هنا لتهمسين لي كي أنام.
المحيط الطويل العاصف لا يقدم أي بديل،
لأن صوتك قلق من الطريقة التي 
يمكن أن يكون عليها في الليل.
ماذا هناك كي يفهم ؟ ليس القلب بالتأكيد،
ليس القلب الذي بسهولة دٌرب لينسى.
ليلة بعد ليلة، مثل ضفدع الشجرة ، 
أذكر نفسي من أنا ، 
ناطقا بما لا أستطيع نطقه خلال النهار.


*سي ديل يونج هو شاعر وكاتب أمريكي ، طبيب ومحرر ومعلم من أصل آسيوي أمريكي، ولد 18 أبريل 1969.


----------------------


يُعْجِبُنِي أَنَّكَ لَسْتَ مُتَيَّمَا بِي! مارينا تسفاتيفا



يُعْجِبُنِي أَنَّكَ لَسْتَ مُتَيَّمَا بِي،
يُعْجِبُنِي أَنَّنِي لَسْتَ مُتَيَّمَةٌ بِكَ،
وَأَنَّ الْمُحِيطَ الثَّقِيلَ لِلْكُرَةِ الْأَرْضِيَّةِ
لَنْ يَدُورَ بَعْدَ الْآنَ أَسْفَلِ أَقْدَامِنَا.
يُعْجِبُنِي أَنَّهُ يُمْكِنُنِي الَا أَخَجَلٌ
وَأَنْ يَكُونَ لُدِّيُّ رُوحَ لِلدُّعَابَةِ
وَ الًا أَتَلَعْثَمَ فِي الْكَلِمَاتِ
وَ يَتَوَرَّدُ وَجْهُي شَاعِرَةٌ بِالْاِخْتِنَاقِ
حِينَ تَلَمُّسِ أَكْمَامِي بِرِفْقِ رِدَاءِكَ.
يُعْجِبُنِي ذَلِكَ ؛ أَنَّكَ أمَام عَيْنِيّ
تُعَانِقُ بِهُدُوءِ إمرأة أُخْرَى،
إِنَّهُ لِأَمْرِ جِيدٍ بِالنِّسْبَةِ إلْي أَنَا أَيْضًا
أَنْ أَسْتَطِيع تقبيل شَخْصَ أُخَرٍ
وَأَنَّكَ حِينَهَا لَنْ تُنْذِرِنَّي بِنِيَرَانِ الْجَحِيمِ.
وَأَنَّكَ لَنْ تُرَدِّدَ اِسْمُي الرَّقيقُ،
لَا فِي اللَّيْلِ وَلَا فِي النَّهَارِ؛
وَأَنَّهُمْ يَا حُبِّيُّ الْحَنُونِ،
لَنْ يَنْشُدُونَ حَوْلَنَا فِي سُكُونِ الْكَنِيسَةِ،
" هالولويا".
بِقَلْبِيِّ هَذَا وَبِيَدِيِّ هَذِهِ أَشَكَرَكَ،
لأَنَّكَ- عَلَى الرَّغْمِ مَنْ أَنَّكَ لَا تَعَلُّمٌ- أَحَبَّبَتْنِي هَكَذَا؛
وَلََأَجُلْ ليالي الْهَادِئَةَ
وَلِلِقَاءَاتِ النَّادِرَةِ وَقْتَ الْغُرُوبِ،
وَلِأَنَّنَا لَنْ نُمَشِّيَ ثَانِيَةَ أَسْفَلِ ضَوْءِ الْقَمَرِ،
وَأَنَّ الشَّمْسَ هَذَا الصَّبَاحِ لَا تَعْلُو رُؤسنَا،
وَأَنَّكَ- ياللخسارة- لَسْتَ مُتَيَّمَا بِي.
وَلِأَنَّنِي- ياللخسارة- لَسْتَ مُتَيَّمَةٌ بِكَ.


-------------------


عن الأذى.... نكيتا جيل


أن تقرر مدى الألم 
المسموح به لشخص ما 
من سلوكك نحوه،
هو ما يعادل عاطفياً :
1.
أن تغرق شخصاً ما
ثم تقرر مدى علو الصوت 
المسموح له الصراخ به.
2.
أن تشعل النيران في شخص ما
ثم تقرر مدى الفوضى المسموح 
لرماده أن يخلفها.
3.
أن تطعن شخصاً ما
ثم تقرر مدى النزف المسموح له به
لا يمكنك تدمير أحدهم 
ثم تقرر مدى التحطم
المسموح له ان يشعر به.


-------------------------


أتوق إلى فمك...  بابلو نيرودا 


أتوق إلى فمك ، صوتك ، وشعرك.
صامتُ وجائعُ ، أتجول  أنا في الشوارع.
لا يغذيني الخبز ، و الفجر يزعجني ، 
أتصيد طوال اليوم مقدار خطواتك السائل.
لضحكتك العذبة أنا جائع،
ليديك بلون الحصاد الوحشي ،
لأحجار أظفارك الشاحبة أنا جائعُ،
وراغبُ في التهام بشرتك كاملة كما يلتهم اللوز.
أرغب في التهام شعاع الشمس المتوهج في جسدك الجميل ،
والأنف الملكية بوجهك المتكبر ،
أرغب في التهام ظل أهدابك المتلاشي ،
جائعُ أنا أتجول، واتشمم الشفق،
باحثًا عنك، وعن قلبك الحار،
كما أسد جبلي في صحاري كويتراتو القاحلات.


بابلو نيرودا:  شاعر تشيلي الجنسية ويعتبر من أشهر الشعراء وأكثرهم تأثيراً في عصره، ولد في تشيلي، بقرية بارال بوسط تشيلي في 12 يوليو عام 1904. كان ذا توجه شيوعي، كما يعد من أبرز النشطاء السياسين، وكان عضواً بمجلس الشيوخ وباللجنة المركزية للحزب الشيوعي ومرشح سابق للرئاسة في بلاده. نال العديد من الجوائز التقديرية أبرزها جائزة نوبل في الآداب عام 1971،وحصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة أوكسفورد. توفي في 23 سبتمبر عام 1973


----------------------------

الأيّام الأخيرة للطفل المنتحِر
تشارلز بوكوفسكي

أستطيع أن أرى نفسي الآن،
بعد كلِّ أيّام الانتحارِ هذه ولياليه،
أُدفَعُ على مقعدٍ متحرّكٍ،
خارج أحدِ منازلِ الرعايةِ العقيمةِ تلك،
(هذا، طبعًا، فقط إذا صرتُ مشهورًا ومحظوظًا)
من قِبل ممرّضةٍ
ضجِرةٍ وأقلَّ من عاديّة.
هأنذا أجلس مستقيمًا على كرسيّي المتحرّك،
أعمى تقريبًا،
تدور عينايَ إلى الوراء،
في الجزءِ المظلمِ من جمجمتي،
بحثًا عن رحمة الموت.
“أوَليس اليومُ جميلًا يا سيّد بوكوفسكي؟”
أوه، بلى، بلى.
الأطفال يَعْبرونني،
وأنا لستُ حتّى موجودًا.
ونساءٌ جميلاتٌ يمررن بجانبي،
بأوراكٍ كبيرةٍ مثيرة،
وأردافٍ دافئةٍ،
وبكلّ شيءٍ آخرَ مثيرٍ وضيّقٍ.
يصلّين ليكنّ محبوباتٍ...
وأنا لستُ حتى موجودًا!
“إنّها أشعّةُ الشمس الأولى التي تطلّ علينا منذ ثلاثة أيام،
سيّد بوكوفسكي!”
أوه، نعم، نعم.
هناك أجلسُ مستقيمًا على كرسيّي المتحرّك،
نفسي أكثرُ بياضًا من هذه الورقة،
بلا دمٍ.
العقلُ ذهبَ،
المقامرةُ ذهبتْ،
وأنا ـــ بوكوفسكي ـــ
ذهبتُ!
"أوَليس اليومُ جميلًا، يا سيّد بوكوفسكي؟"
أوه، بلى، بلى.
متبوّلًا في منامتي،
واللعابُ يسيل من فمي.
يجري تلميذان صغيران في المكان ـــــــ
ـــ مهلًا، أترى هذا العجوز؟
ـــ يا إلهي، نعم، إنّه يصيبني بالغثيان!
بعد كلّ التهديداتِ بالانتحار،
هاهو شخصٌ آخرُ انتحَرَ من أجلي
أخيرًا!
تُوقف الممرضةُ الكرسيَّ المتحرّك،
تقطف وردةً من فرعٍ قريب،
تضعها في يدي.
وأنا لا أعرف حتى ما تكونُ،
لعلّها قضيبي
بسببِ كلِّ ما تسبّبه من خيرٍ!


*تشارلز بوكوفسكي:من أفضل كتّاب أمريكا المعروفين. ولد في ألمانيا عام 1920. عاش في الولايات المتّحدة الأميركيّة. نشر أوّل قصة في العام 1944. توفي سنة 1994.
نشر أكثر من خمسة وأربعين كتابًا شعرًا ونثرًا، منها: مكتب البريد (1971)، خادم (1975)، نساء (1978)، لحم خنزير على خبز (1982) وغير ذلك الكثير.


________________________


العبارة... آنا أخماتوفا


ثم سقطت الكلمة الحجرية
على صدري الذي مازال ينبض.
لا عليك، لقد كنت مستعدة لذلك،
وسوف أتدبر الأمر بطريقة أو بأخرى.
اليوم لدي الكثير للقيام به:
لا بد لي من قتل الذكرى مرة واحدة وإلى الأبد،
لا بد لي من تحويل روحي إلى حجر،
أن أتعلم كيف أحيا مرة أخرى -
ما لم . . . يتوهج صوت الصيف
كمهرجان خارج نافذتي.
منذ فترة طويلة وأنا انتظر،
هذا اليوم الرائع،
و المنزل المهجور.

(*) آنا أخماتوفا(1966-1889) وهو الاسم المستعار لآنا أندرييفنا جورنكو شاعرة روسية، تميز شعرها بتناول العديد من الموضوعات المختلفة مثل الغيرة والصداقة والخوف والحب، و ترجمت أعمالها إلى العديد من اللغات، لأعتبارها من أشهر شاعرات وشعراء الروس في القرن العشرين.لقد كانت حياة آنا اخماتوفا مليئة بالآلم والمواجهات الصعبة ، الأمر الذي ربما انعكس على نوعية القصائد التي كتبتها، اإلا أنها تميزت بالرقة والحساسية الشديدة.


____________________


د. عبير الفقي

تم عمل هذا الموقع بواسطة