قصائد للشاعر الأمريكي / مارك إيروين / ترجمة : إبراهيم محمد إبراهيم

 






مارك إيروين


ولد مارك إيروين في ولاية، مينيسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية وعاش في جميع ولاياتها كما أقام مدة من الوقت في فرنسا وإيطاليا.

ظهر شعره ومقالاته على نطاق واسع في العديد من المجلات الأدبية.

حاصل على الدكتوراه في اللغة الإنجليزية / الأدب المقارن من جامعة كيس ويسترن ريسرف ويدرس في عدد من الجامعات والكليات بما في ذلك جامعة أيوا، جامعة أوهايو، جامعة دنفر، جامعة كولورادو / بولدر، جامعة نيفادا، وكلية كولورادو.


 له سبع مجموعات شعرية، منها " ضد الوقت ونفسه" (1989)، أسرع الآن ، ودائما (1996)، المدينة البيضاء (2000)، الجوع الوامض (2004)، حال كونك طويلا، (2008)، والبيت الأبيض الكبير (2013).

 وقد ترجم أيضا العديد من القصائد عن الفرنسية والرومانية .


نال عدة جوائز منها  جائزة ناتيون / ديسكفري، أربع جوائز بوشكارت، وجائزتين من اتحاد  كتاب كولورادو، وجائزة جيمس رايت للشعر، وزمالة من مؤسسة فولبرايت، وليلي، ورليتزر.

يعيش حاليا في لوس أنجلوس، حيث يدرس في جامعة جنوب كاليفورنيا.


 

 رحلة ..

حين لم يعد بإمكاننا أن نسير ،
أو نستكشف الأشياء ،
قررنا أن نرتدي الخرائط التي لدينا
نجلس معًا
نتبادل الأحاديث ،
نشير إلى بعض الأماكن ،
نتحسس من آن لآخر الجبال والوديان و الصحارى على أجسادنا
لنرى كيف وقعنا في الحب مرة أخرى،
نجلس معًا في بيت ليس بيتنا ،
نكتب خطابات بكلمات مائلة
وخطوط ملتوية أعدنا كتابتها مرات عديدة
يتلاشى الزمن
والمسافات التي بيننا تصير أصغر
شيئا
فشيئا ...

________________________


 قبعات أبي

 

في صبيحة أيام الآحاد

أقف على أطراف أصابعي فوق كرسي

لأتمكن جيدًا من رؤية دولابه الغامض

تتعثر يدي في قبعاته الطرية الناعمة

يتملكني شعور بأنني في غابة

تنساب فيها تراتيل الريح وهي تتخلل أشجار الصنوبر

حيث يفوح المسك

من مطر يعانق الأرض الحزينة

تلك رائحة أبي التي أعشقها

وهو يسير بين رفاقه

عبق قبعاته الجلدية المبطنة بالحرير

تمامًا كأن شيئا ما يحملني وأنا أشم خصلاته

أو كأنني أتسلق أشجارًا ثم ألمس ثمراتها اليانعة

وأوراقها التي تحتضن عبير القرنفل في مباركة نسيم ملائكي

ولأنني الآن أسرح

على حافة الوادي الذي يرقد فيه إلى الأبد

أشاهد الشعاع الذي يقترب ببطء من الماء

حيث لا يمكنني الجزم أنه بالفعل هناك...

________________________


 لوطي !


- تسبح سمكة قرش في الخليج، تأخذ دورتها ، ثم تظهر بابتسامة قبيحة من آلاف السنين.


-عود كبريت لسيجار، يصير مقدمة لنار في أحد المخيمات، ثم ينتهي بعد فترة على منزل يحترق.


- مارس الحب كي تنسى اللغة وما تفضي إليه الغريزة في شكلها الذي لا ينتهي..


- ثمة شيء مكتوب على قصاصة من الورق بعد حادث مذهل.

وجدت تلك القصاصة بعد فترة طويلة :

- قالت بلهفة :  أنا  ألعق الآن مصاصة بطعم  العنب في شهر يوليو

فأجابها على الفور :داومي على فعل ذلك ..
بدا واضحًا وكأنها قد قفزت نحو محرقة جديرة بها ..


- ثمة كتب قليلة ومضيئة كأنها أشجار في غابة

طالما تسلقتها ،

وشُنِقتُ على أغصانها...

___________________

إمبراطورية

 

ارتدى قبعته الصغيرة ، ثم كتب نشيدًا تغنّى به الناس.

صارع وحشًا أسطوريًا في بحيرة كان يعيش بالقرب منها على سفح جبل. 

ثمة قطار يجوب القرية كل ساعة حسب توقيته الخاص في عالمه الافتراضي إذ يرى الناس يمضون كالأيام

وها قد صارت الأيام الآن شهورًا ، وسنين ..

في أحد الوديان ،

صنع من جلود مجموعة من البقرات كرة هائلة ظل يركلها الناس حتى صارت خرقة بالية ..

لم يتخذ عائلة ،

ولأنه شعر بالقلق مرارًا على عائلته التي تخيلها كوحش آخر يخمشه بأظافره ، اخترع مادة يتناولها كل عجوز تسمح له أن يستمر في التقدم في السن ببطء

حتى ينسى كل الأشياء التي كان يعرفها يومًا ما ..

_______________________


5- صور

عندما زارتني  أمي بعد انقطاع دام لسنوات بعيدة ،

سألتها : لماذا لم تخبريني بقدومك ؟

قالت : نوافذك متسخة .

قلت :  نعم ، بسبب الغبار والمطر .

فظلت بالخارج ،

فيما بقيت أنا بالداخل ..

التقت عيوننا ونحن ننظف الزجاج ،

نمسك بفوطة بيضاء ، نمحو بها السنين التي ارتسمت على وجوهنا .

قالت : هذا بالضبط ما كان يحدث حين كنت جنينا في بطني

اندهشت رغم أنني أفهم ما تعنيه تماما

وفيما نحن نحمل معا إطار النافذة

فاحت رائحة الجليد وهو يذوب

أطلنا النظر في شمس ديسمبر

كان ضياء يشع هناك ..

على أشجار الصنوبر ...

_______________________



مشهد طبيعي لحصان اسمه بوبكورن


يحوم الطائر الطنان فوق شجرة القرنفل ..

يرشق براعمها بمنقاره ، فتلقي الشجرة صدريتها كفتاة في ليلة العرس حائرة بين ابتسامات البهجة  وتلويحات  الوداع وهي تراني عبر مرآة في يديها  وشعاع الشمس الذي يتسلل داخل ثقوب كرات من الندى ..

أتذكر حصان الأبالوسا بجسده الأبيض والرمادي كأنه بقايا سحابة قبل أن يصير الآن مجرد اسم قد نحت على صليب في قبر ناتئ قد آتيه وأنا أجثو على ركبتيّ ، أتطلع بهدوء نحو أشباح ترتعش  أو دُمىً مصنوعة من القطن ..

ما زلت أسمع صهيله الآن وهو يخفت.

كان مهرًا حينما انتزع طائرًا عشش في غابة السنديان ، يطحنه في فمه بينما كنا نعتني بالريش الأسود  و نافورة الدم المدهشة  ,ورغم  الخوف والكم الهائل من الأدرنالين الذي فرزته أجسادنا علا وجوهنا الفرح كما يملأنا الآن ونحن ننظف الأرض من بقايا المهرجان، نزفُّ الشجرة بأزهار النرجس بأعوادها الخضراء نشدها من حصواتها المبتلة في إحدى الجرار ..

__________________________


 نمضي إلى حيث نكون ..

تصبح غرفتك الآن برتقالة داكنة اللون وقت الغسق .

يملأك إحساس ما أنك تطفو .

بينما أنت في حقيقة الأمر تتهاوي

سقوطك بطيء لكنه محسوب

كما لو كنت تنزل درجات سلم من قش

تميل الآن إلى الأمام ، تفتح يديك ويظل كفاك مفتوحين ..

هل هذه إشارة لقبول أمر ما  ؟

وهل يعني أنك تخترع شاطئًا بلا ماء ؟!


مزمور ..

 

هو ذا موج البحر يمتد

وهو ذا موج البحر يعاود الانحسار

وها هي الشمس تأفل وراء أشجار عارية

وبنايات آيلة للسقوط

ثمة خسارة مفروشة بلون الذهب

طوبى لمن يتلو كتابه المقدس حتى تأتيه البشارات

أو يصمت إلى الأبد..

وطوبى لمن يتكئ على قضيب من حديد

لنرى كم من الأشياء دمرناها...

طوبى لما نسكبه من كأس لآخرى

حتى يتلاشى ما في الكؤوس ..

تجمعنا إذن ابتسامة

ثم حين لم يعد ثمة شيء في أيادينا

تملأ البهجة أطراف المكان ...

___________________________


المترجم

- إبراهيم محمد إبراهيم

- شاعر مصري وروائي ومترجم

- نشر قصائد ودراسات أدبية  في معظم الدوريات المصرية والعربية


- له دواوين ( جامع البنات – غرفة في سحابة – قبلات مستعملة )

- نشر رواية وحيدة ( جلابية سودا )


تم عمل هذا الموقع بواسطة