نصوص لإيميلي ديكنسون / ترجمة الشاعرة الجزائرية : لميس سعيدي


الجائزة الوحيدة التي فازت بها الشاعرة الأمريكية إيميلي ديكنسون (1830-1886)، كانت جائزة "أحسن خبز مصنوع من الذُرة"، كان ذلك في مسابقة صغيرة نظّمتها بلدتها "أمهرست" (ولاية ماساشوستس) سنة 1856، وحينها كانت إيميلي تبلغ من العمر 26 سنة. بعدها بسنتين بدأت بكتابة الشِّعر.

يُقال أن ديكنسون، على الأرجح، لم تقرأ سوى الإنجيل ونصوص شكسبير وبأنّ والدها كان يشتري لها كتبا كثيرة ويطلب منها أن لا تقرأها.

لسبب ما، أقنع توماس هيغنسون (1823-1911)، إيميلي ديكنسون بالتوقّف عن نشر شِعرها وبأنها شاعرة فاشلة. هيغنسون، كان واحدا من المناضلين لإلغاء العبودية في أمريكا ومساندا لحقوق المرأة، وفي الحرب الأهلية الأمريكية كان عقيدا في كارولاينا الجنوبية، في أوّل كتيبة مكوّنة من جنود من أصول إفريقية، كما كان يتمتّع بسلطة كبيرة في الأوساط الثقافية آنذاك. بعد سنوات من المراسلات الطويلة مع إيميلي ديكنسون التي كانت تختم رسائلها بعبارة: تلميذتكَ، قرّر هينغسون -بدافع الفضول- السفر للقائها؛ اللقاء الذي قال بعده: بأنها امرأة قبيحة غير أن كلامها عن الشِّعر يفرغ الإنسان من طاقته العصبية.

رغم أنها نشرت سبع قصائد فقط أثناء حياتها، لم تتوقف الشاعرة الأمريكية عن الكتابة، تحديدا أثناء عزلتها حيث أنها بعد سنّ الثلاثين قرّرت عدم الخروج من البيت، وظلّت تطلّ على العالم من خلال شرفة غرفتها؛ العالم الذي يتمثّل في الجيران، قافلة السيرك التي تمرّ مرّة واحدة في السنة، بعض الفلاحين الذين يحملون المحصول، النحل، الحديقة وتفاصيل بسيطة أخرى.

لم تتزوج، غير أنها كانت تُغرم دائما بأساتذتها، كما أغرمت بكاهن البلدة وأقامت علاقة سرية معه.

بعد وفاتها، اكتشفت أختها ما يقارب 1700 قصيدة كتبتها أثناء عزلتها. اتصلت الأخت بتوماس هيغنسون، الذي نشر أوّل مجموعة شعرية لإيميلي ديكنسون بعد سنتين من وفاتها. عرفت هذه المجموعة نجاحا كبيرا، سيجعل من ديكنسون أشهر شاعرة في تاريخ الشعر الأمريكي. ويقال بأن هيغنسون الذي كان يبالغ في تحقير قصائد الشاعرة أثناء حياتها، قد نقّح وغيّر كثيرا في شِعرها قبل نشره والترويج له.

عدا العزلة والغرابة ومهارة تحضير الخبز، كان حسّ الدعابة النادر أهم ما يميّز شخصية إيميلي ديكنسون، هذا الحسّ الذي يجسّده هذا المقطع من إحدى قصائدها: "لم يأت أحد لمعاينة البيت سوى سيّدة عجوز، أرسلتُها إلى المقبرة، لأوفِّر عليها خطوات بلا جدوى".


نصوص لإيميلي ديكنسون..


لم يكن لديّ الوقت لأكره

لأن القبر كان سيُعيقني،

والحياة لم تكن كافية 

لأنهي العداوة.

كما لم يكن لديّ الوقت لأحب؛

لكن بما أنه علينا القيام بشيء ما، 

فكّرتُ أن مشقّة الحب الصغيرة،

تتسع لي بما فيه الكفاية.


***


مُتُّ من أجل الجمال، 

لكن بالكاد عُدِّلت في القبر،

حتى مُدِّد رجل مات من أجل الحقيقة

في الغرفة المجاورة.


سأل برقّة لماذا سقطتِ؟

"لأجل الجمال"، جاوبته.

"وأنا لأجل الحقيقة، الاثنان واحد؛ ونحن إخوة" قال.


وكما يلتقي الأقارب ليلا،

تحدّثنا بين الغرف،

حتى وصل الطحلب إلى شفاهنا،

وغطى أسماءنا.


***

 

فات الأوان بالنسبة للإنسان

لكن الله لديه كل الوقت؛

الخليقة عاجزة عن المساعدة،

لكن الصلاة ظلّت إلى جانبنا.

كم هي رائعة السماء

حين نعجز عن امتلاك الأرض؛

كم هو كريم وجه جارنا القديم، الله!


***


هذه رسالتي إلى العالم

الذي لم يكتب لي يوما

الأخبار البسيطة التي كانت تحكيها الطبيعة

بفخامة ناعمة.


رسالتها في عهدة أيدٍ

لا أستطيع رؤيتها؛

أيها الفلاحون اللطفاء، في سبيل حبّها

حاكموني برفق!

تم عمل هذا الموقع بواسطة