الواقع الثقافي العربي بائس جدا لأن السياسة تهيمن عليها وتوجهها وفق مصالحها وأوهامها.هناك إضاءات كثيرة , أدبية وشعرية , في هذا النفق الطويل تعطي بعض الأمل في التغيير المأمول مستقبلا .علينا أن نحلم كثيرا ونوثقه في أعمالنا ونتاجاتنا الأدبية كشكل أساسي من مقاومة بؤس أوضاعنا. انها مأساة انعدام الديمقراطية والحرية والشاعر وحده لا يحقق ماهو مؤثر في هذه الأوضاع , بل هو مهدد دائما في حياته وأحلامه ونصوصه وبسببها,.انه غسق طويل ولا يزول
نعم لقصيدة النثر الآن تيارات عدة ، من بلد الى آخر . أنا مسرور لإنجازات شعراء قصيدة النثر في المغرب ومصر والحظ تأخر في هذا الشأن للمدرسة العراقية ، السورية واللبنانية أيضا . أظن هناك أسباب كبيرة لهذه الحالة وهي اضطراب الأوضاع بشكل عام في هذه البلدان وتضاؤل النشر أو تحديده بسبب اليأس وفقدان الأمل في تغيير الحياة اليومية . وهذا يؤثر على حماس الشعراء وأمزجتهم .
نحن غرباء أصلا في أوطاننا ونعيش اغترابنا فيها . بسبب وعينا المتجاوز ، مقارنة مع الوعي العام ، فإننا نعاني العزلة والتهميش وسط النشاط التهريجي لأجهزة الإعلام ، وهي حكومية تعمل على تبرير وتمرير سياسات لصالح الفئات الحاكمة ولحمايتها وبث الأوهام حولها وتجميل صورها الكئيبة .هذا كله يظهر في اعمالهم مع قلتها . البلدان العربية ، سلطويا ، مازالت تحمي نفسها بواسطة الرقيب وانعدام الفضاء الحر للإبداع . لا أمل في مشهد كهذا في تجاوز ثقافة الغربة والاغتراب . حالة الاغتراب لشعراء الخارج سببه حنانهم إلى ما فقدوه من ماَض ووطن وعلاقات . هناك من استطاع ان يتلاءم مع بيئته الجديدة وأعاد صياغة حياته وأدبه وفق هذا التحول . لسوف تمر سنوات طويلة جدا ليصير هذ النهج شاملا .
الشعراء في الداخل يعانون من انعدام الحريات الاساسية في أوطانهم . مجهودهم الأدبي والشعري ، لهذا السبب ، يهيمن عليهما الاحباط واليأس .هذا يؤثر الى أقصى حد في المستوى الإبداعي لأعمالهم . كثيرة هي الصور الكابوسية في قصائدهم ، قليلة أفراحها . أحوال الشعراء هناك تعاني من ثقل الأوضاع ولاسبيل لتغيير هذه الصورة بدون هدم أسبابها . الشعراء في الخارج ، اذا ليسوا سجناء ماضيهم الكئيب ، يتمتعون بأوضاع وبيئات إنسانية أفضل ، أكثر تنوعا ، لذا نجد الألوان في أعمالهم واضحة وإيقاعاتها الموسيقية مختلفة وممتعة .
قصيدة النثر لأنها حرة وبلا اشتراطات مسبقة على أي مستوى ، فإنها مؤهلة لتكون الصوت الحقيقي للكتابة الشعرية .نحن نلحظ كتابات جدية من شعراء في مختلف البلدان ، سواء في الوطن العربي او في المغتربات . وبالطبع فإن توفر النصوص بالتكنولوجيا المتقدمة من أنحاء العالم بلغات كثيرة يغني هذا التوجه ويقدم فرصا حقيقية لتنويعه وتقدمه . السنوات الأخيرة ضمن النتاجات الباهرة لقصيدة النثر تؤكد كونها الاختيار المؤكد والحاسم للتعبير الشعري
هناك ماهو أصيل ونوعي في قصيدة النثر العربية الراهنة ، وماهو ضعيف في الأداء شعريا ، لكن كما حصل مع قصيدة التفعيلة ،
فان الموهية الحقيقية هي التي تبقى وتتبلور لتكرس الجديد والمختلف . المسألة هي في غنى حياة الشاعر او فقرها ،
.فى النصوص فهما ينعكسان
أدار الحوار : روناك عزيز