"الجرافة ومتوالية الصدف" قصيدة للشاعر: سالم الشبانه - مصر


لم تكن صدفة أن تزورك أمك فجأة، 

لتقول لك: لقد أوحشتني، 

أنا أنتظرك، وأعد مكانك جانبي، 

أبوك معي، ولم يعد غاضبا، 

فلا تحزن 

لم تكن صدفة أن يقول لك الطبيب: 

 إن ضغطك مرتفع، 

وأن قلبك هذا الحصان العجوز 

ينتظر طلقة الرحمة. 

فهذا الوجود يسير بقانونه 

"كالإثم يهرع نحو تتمته" * 

في طريق طويل، 

بلا شربة ماء، 

ولا يد تلوح. 

لم تكن صدفة، أن تكون كاذبا ببراءة طفل 

وقاسيا بندم طويل 

كصدأ يأكل أعصابك المشدودة، 

كذئب وحيد تعوي في غابة الثلج، 

لست ما كنت عليه أبدا: 

بأوجاع تنمو كالأحراش 

ووجه نسي الابتسامة الصادقة. 

لم تكن صدفة أن تصيبك اللعنة المغوية 

وأن تخرج من الجنة كأبيك 

وحيدا بلا أثر، 

وأن ترمي ذنبك 

على كتف امرأة وحيدة. 

صدفتك أنت صنتعها، كرجل غاضب من العالم؛ 

فعلق رقبته في مشنقة 

لأنه ظن أن هناك عالما موازيا 

أكثر جمالا. 

الصدف قانون الأعمى؛

والله لطيف 

كزهرة في صحراء حجرية، 

سيقول لك: أنت من عيالي، فلا تخف، 

ضع قلبك في حجر امرأة وامض؛ 

لا تنتظره طويلا؛

 لأنك ستتيه أعواما حتى تصفو. 

لم تكن صدفة أن تكون في الألفية الثالثة 

وأن وحشا معدنيا 

يتربص بمن هم مثلك: 

بالرعب النووي، 

كوفيد ١٩، 

الفوضى الخلاقة، 

ماكروسوفت، 

صداقات النساء للرجال 

علي منصات التواصل الاجتماعي، الكذب... 

لم تكن صدفة أن تكون غير برجماتي 

بكذب أبيض 

تلوثه حماقات النساء الجميلات، 

لم تكن صدفة أبدا 

أن تكون طيبا بمكر بدويّ 

لتخرج من جنتك البحرية؛ 

لأن رأس المال المتوحش 

ينمو كفطر سام في الوادي المقدس. 

ليس ثمة صدفة، 

نخترع وجودا عبثيا، 

ونكذب حين نظن الصدفة 

تضعنا في طريق الجرافة العملاقة هذه. 


                                        * لورانس داريل.. رباعية الإسكندرية 


تم عمل هذا الموقع بواسطة