شتاء قصيدة للشاعر: نصار الحاج - السودان

اللّيلُ
يدخل باكراً
بكفٍ لها في البَرْدِ أطفالٌ مجانين.
النّساءُ يُعطِّرن أجسادهن برائحة الصّندل
يرصفن النهار لطائرٍ أنيق
يدخلُ مثل عاشقٍ
يمحو صمت ذاكرة الرحيل
يكشط البركان من عصب الصخور
التي في قاع ممشى الأرض
تبني مراجيح الكلام.
عند هذا الوقت من وهج السّماء
صوت الهواء البّارد
يطرق الأبواب
يدخل في تفاصيل الملابسِ والجسد
بينما الشبابيك تهتزُّ تحت عويل الرياح
مثل عصافير
باغَتَها الشتاء بأهوالِ الصقيع.
هنالك ثمّة أرصفة فارغة
تركَتْهَا أصوات العابرات لغُبار الشتاء
والشوارع التي كانت ترافق الأصدقاء 
لبيتنا البعيد
نادتني
لأفتحَ الرسائل التي خبّأتْها صديقة النهار في أوّل الطريق
هي  كلمات
وأشواق وأحزان وأمزجة 
وأطوار من التاريخ تنتظر الحياة  .
ليلة الميلاد كانت همسة للضوء
تُمسكُ بالرعاة على مشارف غربةٍ أخرى
على غيمٍ تبلّل حاضر الرؤيا
وترسل لقطةً أخرى لأطفال المزارع في حقول البرتقال
وتحزن مثل أوراق تٌمزقها بنات الخوف من شجر الحنين
وحدي برفقةِ هذا الشتاء
أنسج الليل بأشواك الرحيل
وأجرح المكان بصراخٍ غريب.
غرفتي موحشة
تسكنها ذكريات أحضرتها معي من معسكرات النازحين
وبعض ألوانٍ
كآخرِ ما تساقط من هواتف الأشواق
ومن جوعٍ تمدد وانتهى غيماً
يُضاحك شهوةَ الميعاد في خيمةِ الربع الأخير من البكاء.
إذنْ
أيّها الأصدقاء
كيف أعبرُ الشتاء
إلى نجمةٍ في آخر الصّقيع
تمنحَ الرُّوحَ ضوء  المصابيحَ 
والدّفءَ  والأغنياتْ.
نصار الحاج - السودان
تم عمل هذا الموقع بواسطة