عزيزتي التي / قصيدة للشاعر:  يوسف القدرة
عزيزتي التي من..
عزيزتي التي من حروفٍ مُنْفلتةٍ وصهيلٍ يلوِّحُ لريحٍ عابرة، صوتي يتدفّقُ الليلة باسمِكِ، ناراً أو طبلاً من صدري وعليه، علّيَ أفرحُ.. لذا أُرقِّصُ إحدى يديَّ على حروفِكِ والأُخرى أصطادُ صهيلَكِ بها وأُعبِّئُهُ في زجاجةِ نبيذٍ علّهُ يثملَ فيُغنّي لي عن حلمِكِ الصغير؛ حلمُكِ الذي تَعِبتْ يديه من مُحاولةِ الطيران، الذي ازداد اتّساعاً فضاقتْ بهِ عيناكِ لهفةً وتيهاً!
*
عزيزتي التي من شياطين جميلةٍ ومُراوَغةٍ تحكُّ داخليَ البعيد، صورتي تزدادُ تألُّقاً في حضورِكِ، كرزاً أو شهداً من فمِكِ وعينيّ، أزهو قليلاً حينَ يمارسُ شَعْرُكِ انْطلاقاتهِ وكثيراً أكبو كما لو أنَّ حبلَ مراوَغةٍ شدَّني لأسفلٍ ما. الآن.. أشبِكُ خاصرتي بحريرِ شياطينكِ لأزدادَ بهاءً وأترُكُ داخلي يُشرقُ عَذباً وعذاباً، أتركُهُ كمنجاتٍ تذبحُ كَذِباً يفترشهُ الليلُ وسادةً وغياباً!
*
عزيزتي التي من بُكاءٍ حادٍّ وفرحٍ يملأُ شبابيكَ الوردِ عِطراً، صدايَ يشعلُ أناتٍ في صوتكِ المزهو، لمساً أو ماساً يبرقُ في عينيكِ وإصبعيّ، حُمرةُ خدّيكِ كتاباً يقرأُني في طفولةٍ تكبرُ معي دَهشةً وافتراساً وأحبُّكِ خطّاً وخيطاً يربِطُني بكِ وبي. الآن.. تمزّقُ دموعٌ قديمةٌ وتَخُصُّكِ حروفُ قلبي فأجِدُكِ أكثرَ وضوحاً وألماً. فرحُكِ وحدهُ يحضرُني كفعلِ أرجوحةٍ تحاولُ أنْ تُكملَ دورةً وسلاماً!
*
عزيزتي التي منْ أصدقاءَ جميلين ووحدةٍ مملوءةٍ بموسيقى وألوان، غنائي باردٌ، ويداي كذلكَ فيما روحُكِ تُشبهُ نسمةً تُكحِّلُ بياضي بدفءٍ ما، صِدقاً أو صداقةً تخفِّفُ عِبءَ وجدٍ مائلٍ إلى صمتهِ وصِباي. الأصدقاءُ أُغنيةٌ يصدحُ المكانُ بها والزمانُ قادمٌ بما لا نُدركُ. الآن.. أعرفُ أنَّ وحدتكِ من جمالٍ يجمِّلُ أظافرَ الكُتبِ ويهندمُ ورقاً يعرفُكِ أكثرَ منكِ ومنّي. أومنُ باللغةِ الأنيقةِ وبالذِهاب!
*
عزيزتي التي من رواياتٍ لا تُصدَّقُ ووَقْعٍ مُزدحمٍ بدهشةٍ ونَبْض، وجهي كـ مخطوطةٍ عتيقةٍ أَدْرَكَتْها عرّافةٌ على كفِّ يدكِ، إرثاً أو سرّاً من بلادٍ اخْتفتْ ذاتَ صباح، أركضُ ويركضُ دربي معي إلى نهرٍ ابْتلعَ حلمكِ وحُلْمي، الرواياتُ حدثٌ طارئٌ في حياةٍ هي روايتُكِ التي تنبِضُ بكِ والازدحامُ هروبٌ يتيهُ في طُرقٍ لا تناسبُ نعومةَ حسِّكِ. الآن.. كم يليقُ وجهكِ بحزني والحِياد!

تم عمل هذا الموقع بواسطة