عشر ممكنات فقط /  الشاعر: محمد الأمين سعيدي / الجزائر
عشر ممكنات فقط
يلفُّ من حشيشة الملل سيجارة هي رصاصة
يطلقها على صرامة دماغه المنتظم..
يوقظ بها المتاه الجليل
ويفتح نافذة على الممكناتْ:
1.
قبل ظهور الكمامات بكثير..
كان كثرة من البشر يضعون أقنعة..
لذلك تعانق قناع حبيب
هو في الحقيقة عدو حاقد..
قبل ظهور الكمامة بكثير..
كان البشر يمثلون على بعضهم مسرحية المحبة...
2.
المدن مقفرة كحقل عجوز..
الشوارع فارغة من الحيوان البشري..
أخيرا صارت القطط وكلاب الليل
تمارس الجنس في الهواء الطلق
دون خوف
من حجارة الأطفال..
3.
حين نشر الوباء أذرعه
لم يعد الناس يسلمون على بعضهم
هناك من سكنهم الحزن
لكني سعيد جدا
أخيرا توقف الرجال عن معانقة بعضهم..
أخيرا توقفت هذه المثلية الخفية..
4.
البشر متحصنون في ديارهم
جيوش الطبيعة تعلن انتصارها
البيولوجيا البشرية تحاصرها الهزائم
تئن المستشفيات..
تبكي المقابر..
لكن قلب الوجود من حجر..
لذلك لا يكثرت ولو انقرض الإنسان..
5.
بعد انتهاء حلول الأرض
أمام جحافل من جيوش الفيروس الفاتك
كثير من البشر رفعوا رايات الدعاء
لكن الأذكياء اكتشفوا أن حلول السماء انتهت منذ دهر
قال أحدهم بلسان الغياب:
أنتم وحدكم الآن أيها الملاعين.. 
6.
الحرمان متربع على عرش المرحلة
انقرضتْ القبل الشقية.. 
انتهى اختلاط الأنفاس أثناء زنى مقدسة.. 
لم تعد النهود ترعد حتى ترتبك الشوارع والسراويل.. 
لم تعد المؤخرات الجميلة تؤثث مزاج الأمكنة.. 
وفي هذي الأثناء يحك الحرمان خصيتيه
وينفجر ضاحكا ابن القحبوت.. 
7.
أغلقت الحانات فانكسر قلبي
أغلقت المساجد فبكتْ روحي لأيام.. 
أغلقتْ المدارس وبحيرة الشوق
تضجّ بتلاميذي الأشقياء.. 
أغلقت المقاهي
فتعكرت سماء المزاجات.. 
وانتهى الأمر... 
8.
حين تشتد المأساة تتحول إلى مهزلة.. 
مثلا:
. صار الخوف يتمشى عاريا في الشوارع وفي أروقة المنازل..
. تمدد الموت ومدّ رجله..
اقتحم حياتنا
وأصبح من يومياتنا..
. نشوب حرب أهلية مفترسة
بين فئات الشعب الخائفة مفاصلُه
من أجل امتلاك الشعير والقمح.. 
حرب ضروس أسنانها مسوسة تثير الضحك... 
9.
كل نهار وليلة
تتقلد المآذن سلطة الأجواء.. 
تتلو من خمرة القرآن أجمل الأنخاب
تحول الهواء إلى ألسنة تصدح بتلاوات فاخرة.. 
تتنافس المآذن حتى صار الجو قرآنا فاتنا يربت على خوف الأرواح الضعيفة.. 
10.
الحجر الصحي يحتضن ارتعاب البشر.. 
لكن جيناتي الإفريقية المقودة... 
تجعلني أمتطي حذائي ليلَ نهارٍ
حتى تمسكني الشرطة.. 
أعود إلى البيت منكسرا..
لكن يناديني صوت للخروج مجددا.. 

تم عمل هذا الموقع بواسطة