عطشي مطلق وأنا نسبيّ .. رفعت سلام ( مصر )
عَطَشِي مُطلَـق
وَأنَـا نِســبِي
وَالبِئرُ رَصَاصَةٌ فِي حُلمٍ أطلَقَتهَا يَدُ الجُغرَافيَا أنَا التَّارِيخُ بِلاَ تَارِيخٍ لاَ يَلحَقُنِي الزَّمَنُ الثَّرثَارُ وَلاَ عَرَبَاتُ المَوتَى الخَيرِيَّةُ مُطلَقٌ نِسبِيٌّ وَظِلِّي آبِقٌ مُستَوفِزٌ وَأعضَائِيَ الفُصُولُ الفَاصِلَة
وَلِي وَردَةٌ قَاتِلَة.
تَنصُبُ لِي- فِي كُلِّ صُبحٍ- شَرَكًا أو مِقصَلَة.
وَتَترُكُنِي- عَلَى دَرَجِ الغِوَايَةِ- صَخرَةً ذَاهِلَة.
وَتَمضِي فِي الطُّرقَاتِ المُخَاتِلَة.
لاَ أقتَفِيهَا قَاتِلَتِي تُوَزِّعُ دَمِي بَينَ القَبَائِلِ المُتَنَاحِرَةِ عَلَى خِرقَةٍ بَالِيَةٍ أو جُملَةٍ آسِنَةٍ فَيُفضِي بِي إلَى سَاحَةٍ مُبَاحَةٍ لِلوَسَاوِسِ وَالظُّنُونِ المُهدَرَةِ يُحِيطُونَ بِي وَلاَ أُحِيطُ يَدُقُّونَ طُبُولاً نَافِرَةً وَيَنفُخُونَ أبوَاقًا سَاخِرَةً يَصعَدُونَ بِي وَلاَ أصعَدُ جَبَلاً مُهَروِلاً إلَى قِمَّةٍ مَاكِرَةٍ تَحتَلُّهَا حُشُودُ الدَّرَاوِيشِ مَحزُونِينَ يَهتفُونَ بِي سَيِّدِي وَيُرَتِّلُونَ وِردَ الوُصُول
أنَا سَيِّدُ الأُفُـول.
صَولَجَانِي صَرخَة؛
وَتَاجِـي الذُّهُـول.
فَلِمَاذَا تَقِفُ الكَائِنَاتُ العَاوِيَةُ عَلَى كَتِفِي وَتَنعَقِدُ فَوقِي أسرَابُ البُكَاءِ سَحَابَةً طَيِّبَةً مُوجِعَةً عَلَى أُفُولِي وَشَرًّا رَحِيمًا عَلَى ذُهُولِي إلَى أن يُدرِكَنِي خِلِّيَ المُخَاتِلُ فِي هَيئَةِ أَرنَبٍ بَرِّيٍّ فَيَخطُفَنِي اختِطَافًا إلَى البَرَارِي المُرتَجَلَةِ نَعدُو طَلِيقَينِ وَاثِقَينِ نَقضُمُ العُشبَ وَنَرتُقُ البَصِيرَةَ المُخَادِعَةَ إلَى أن يَنفَدَ البُكَاءُ وَتَهبِطَ عَن كَتِفِي الكَائِنَاتُ فَأرَانَا عَارِيَينِ مَقرُورَينِ عَلَى لُجَّةٍ رَحِيمَةٍ تَسُوخُ فِيهَا هَوَاجِسُنَا الجَسِيمَةُ وَلاَ نَسُوخُ نَستَوِي عَلَى عَرشِ الرَّهَبُوتِ صَخرَتَينِ مُنحَدِرَتَينِ إلَى سَمَاء:
صَخرَةٌ بُرتُقَالَةٌ،
وَصَخرَةٌ عُوَاء.
وَبَينَهُمَا مَسَافَاتٌ خِصَامٌ وَحُقُولٌ حَرَام.
بَينَهُمَا
تَنطَفِئُ الشَّهوَةُ شَوكًا أو حَصًى شَرِسًا
وَيَنهَارُ فَضَاء
كِسَرًا أو شَظَايَا مَسمُومَةً سَامَّةً أُلَملِمُهَا زَادًا وَأغرِسُهَا فِي قَلبِي فَتَشبَّ حُقُولٌ مِن هَجِيرٍ يَسكُنُهُ البُومُ وَالعُقبَانُ يَنقُرُونَنِي كُلَّمَا نَعِستُ أَو أسِنتُ سنَةً وَاحِدَةً فَأبكِي ضِعَتِي وَهَوَانِي إلَى أن يَبِينَ الخَيطُ الأبيَضُ مِنَ الأسوَد
وَلاَ أبِين.
ضِدُّ الحَنِين.
أنَا الآنِيُّ، لاَ وَرَاءَ لِي.
مُشرَعٌ وَمَغرُوسٌ، كَطَلقَةٍ فِي ظَهرِ هَارِبٍ،
وَمُستَقِيمٌ كَالنَّوَايَا الغَادِرَة.
أحشُدُ مَا مَرَّ فِي جِرَابٍ أُجَرجِرُهُ حَتَّى إذَا أدرَكَنِي المَلَلُ أشعَلتُ فِيهِ الكِبرِيتَ وَقُلتُ لِنَفسِيَ البَحرُ فِي الوَرَاءِ وَالعَدُوُّ فِي الأمَامِ وَأنتِ حَالَةٌ آنِيَّةٌ تُرَفرِفُ رَأسِيًّا وَتَعوِي فِي آخِرِ الأرضِ القَتِيلَةِ دَمًا يَسِيحُ أو يَبُوحُ بِمَا بَاغَتَته الرَّصَاصَةُ فَانحَنَى إلَى مَدًى يَسكُنُ العُصُورَ الحَجَرِيَّةَ حَجَرًا جِيرِيًّا يَتَفَتَّتُ إن سَقَطَت قَطرَةُ دَمعٍ إلَى سِربِ نِسَاءٍ مِن غُبَارٍ أَو غُرُوبٍ بَاهِرٍ مَفتُوحَاتٍ لِكُلِّ عَابِرٍ عِندَ المُنحَنَى يَرمِي تَحِيَّةَ المَسَاءِ أَو يَرمِي مَاءَه فِي الفَجِّ عَمِيقًا سَائِغًا حَتَّى إِذَا طَابَ المَذَاقُ هَوَى مُحتَرِقَا
عَنقَـاءَ أَو أُفُقَـا
وَيَرمِي عَبَاءَتَه عَلَى النِّسَاءِ يَنكَشِفنَ عَن قَبِيلَةِ أبقَارٍ وَحشِيَّةٍ (هُوَ الثَّورُ الوَحِيدُ) يَقُودُهَا إلَى مَرعَاه الشَّفَقِيِّ كَاظِمَ الغَيظِ مَغفُورَ الذُّنُوبِ وَالكَبَائِر
أعشَابٌ رُفَاتٌ، وَأشجَارٌ مَقَابِر.
وَآبَارُ دِمَاءٍ تَنفُثُ دُخانًا وَنَحِيبًا.
وَغَيمَةٌ مَحرُوقَةُ الضَّفَائِر.
وَقَبِيلَةٌ تَرعَى فُتَاتَ البَصَائِر
حَتَّى يَنفَدَ أو تَشبَعَ (لاَ يَنفَدُ وَلاَ هِيَ تَشبَعُ) فَتَستَدِيرَ إلَى شَيخِهَا المَقطُوعِ وَلَّى مُرَفرِفًا بِأجنِحَةٍ حَدِيدٍ وَمِنقَارٍ بُكَاء
لاَ رِثَـاء.
فرَارٌ سَيِّدٌ، وَذِهَابٌ بِلاَ وَرَاء.
صَرخَةٌ نَائِمَةٌ عَلَى سَمَاء.
وَفَضَاءٌ فَضَاء.
بَصَرٌ بِلاَ بَصِيرَةٍ،
وَبَصِيرَةٌ عَمَاء.
ــــــــــــ
أُسَوِّرُ الآنَ حُدُودَ المَملَكَة
بِالبُومِ وَالغِربَانِ وَالرَّغَبَاتِ الحَالِكَة.
أَستَعِيرُ المَنجَنِيقَ مِنَ الغَابِرِين،
أُلَقِّنُ الطُّيُورَ الأَبَابِيلَ أَوَامِرِي فِي سَاعَةِ الصِّفرِ،
وَأرفَعُ الرَّايَةَ الهَالِكَة.
أُغَنِّي لِلخُرَافَةِ وَالحَمَاقَةِ غُنوَةً خَارِقَةً، مُرتَبِكَة.
وَأمتَطِي ظَهرَ السَّمَكَة؛
وَأمضِي
أُغَافِلُ الحُرَّاسَ وَأختَرِقُ الثُّغرَاتِ السِّرِّيَّةَ (صَنَعتُهَا مِن أجلِ الأَعدَاءِ وَأَجلِي) تَستَقبِلُنِي البَرَارِي النَّائِمَةُ بِالشَّخِيرِ أَقُولُ جِئتُكُم بِالبَشِيرِ النَّذِيرِ تَقُولُ اعقِلِ الدَّابَّةَ وَتَوَكَّل أَقُولُ هِيَ سَيِّدَتِي وَتَاجِي يَتَسَتَّرُ عَلَى عَارِي وَعُريِي تَقُولُ هُوَ الغَايَةُ وَالبُرهَانُ فَاخلَعِ الآنَ نَفسَكَ وَتَقَدَّم
