مدرسة الكراهية / بقلم / د. ماهر عبد المحسن / كاتب وأكاديمي من مصر
مدرسة الكراهية
علمتنا الأزمة
أن ندّخر مثل النمل
أقواتنا
وأن نحيا مثل السلاحف
بقليل من الماء
وأن نقضى مشاويرنا مثل الجمال
سيراً على الأقدام
وأن نقبّل زوجاتنا كالمراهقين
تحت جنح الظلام
وتذيع الفضائيات أخبار ارتفاع
سعر الدواء
في القريب العاجل
وفي القريب العاجل
لن نملك سوى
أن نتحمل الألم كالحمير
وأن نلعق جراحنا
مثل الكلاب
علمتنا الأزمة
أن نحب جلادينا ونكره أحباءنا
ونرفض النصح الآتي من أفواه المكروبين
أن نبكى بلا دمع
ونصرخ بغير صوت
ونسبّح بحمد الظلم
حين يكون بخيلاً
علمتنا الأزمة
أن نقرأ تاريخ الطغاة
ونحفظ دروس التربية الحديثة
نعلّم أولادنا فنون التمثيل والرقص والغناء
والعزف على أوتار الريح
وأن نركل حجارة الطريق
بعد أن نقتل بعضنا البعض
إذا ما عجزنا عن الحل
علمتنا الأزمة
ألّا نفرح كثيراً
أو نحزن كثيراً
أو نفكر كثيراً
فقط أن نحيا كيفما اتفق
نحلم بقدر من المعقولية
ونعيش بشيء من الجنون
أن نضع كتب الفلسفة في خزانة الملابس
وكتب التراث على الأرصفة
ونرفع المصاحف على أسنة الدجل
علمتنا الأزمة
أن نحيا مثل السمك بغير ذاكرة
فنُلدغ من الجحر نفسه مرتين
وننزل النهر نفسه مرتين
ونبتلع الطعم نفسه عشرات المرات
علمتنا الأزمة
أن نحيا بغير منطق
فلا نسأل عن الأسباب
ولا عن النتائج
ولا نسلك على نحو مترابط
فقط أن نقف مثل ريشة فى مهب الريح
أو كطفل يلهو فى أرجوحة
أو كملاح فضائي غادر الجاذبية
وأن نتعلم فن التمتع
بلذة السقوط الحر..
