الاسطبل/ بقلم: سفيان رجب / تونس


العالمُ لا يراجع دروسَه،
صفرٌ في التّاريخ، وصفرٌ في الجغرافيا..
هو يُخطئ دائمًا في رسْمِ الخرائط،
فيرْسمُ بين القيروان وبغداد صحراء وبحرا.
ويرسمُ النّيلَ بعيدا عن شفة حبيبتي،
ويرسم الأمطارَ الغزيرةَ في الجهةِ التي لا يبْذر فيها أبي قمْحَهُ.
ويرْسم الحدودَ بنظرات الذين لا يملكون جوازات سفر، إلى الطائرات التي تمرّ فوق قراهم،
وبدم المشرّدين عن أوطانهم.
العالمُ لا يراجع دروسَه،
صفر في الرياضيات،
صفر في الفلسفة..
كنت أحاول أن أفسّر له أنّ جمع ضبعين يساوي إثنين، لكنّ جمع غزالين يساوي مليون نظرة دامعة.
لكنه كان منشغلا بإحصاء أسنان الجمل الذي سيبتلع بقضمة واحدة، ما عمل على جمعه سرب النمل موسما كاملا.
كنت أراقبه، وهو يهدر نهرا من الحبر على قارّة من الورق، في إجابته عن أسئلة الوعي واللاوعي، وكان يكفيه أن يخلط لفافة حشيش واحدة، بحفنة من المنطق، ليتوصّل إلى إجابة واضحة وحاسمة.
كان يجهد نفسه بين القرع على الكتب والخشب، في تحليله لمفهوم العاطفة البشرية. وكان يكفيه أن يأخذ قطرات من دموع الأمهات، ويمزجها بقطرات من دموع التماسيح، ويقول لنا: هذه خلاصة العاطفة البشرية.
هذا العالم، 
قدّمنا له أسفارنا ملفوفة بأوراق الأشجار.
فوضع على ظهره الأسفار،
وتصفّح أوراق الأشجار.
هذا العالم حمار مثقف،
يعلف المعرفة في اسطبله الذهبيّ.
نجح في كلّ امتحاناته
وتحصّل على كلّ شهادات الدكتوراه، في الآداب والعلوم الإنسانية والفلسفة والكيمياء والرياضيات..
لكنه لم يجبنا عن سؤالنا الوحيد:
- ما الفرقُ بين القشّ والذهب؟.

تم عمل هذا الموقع بواسطة