الشبح .. مبروك السياري ( تونس )

كأنّي أجري داخل خيالي

وأنا أطارد شبحا

سقط من مخطوطة ظلّت إلى حدّ اللّحظة شاخصة

لولا أن أثارت فضول الرّيح

يصيح الشّبح: لا تمسكني فإنّي مجازك

وإذا أمسكتني صرت حقيقة بين يديك !

أركض خلفه وأصيح به: دلّني فقد أتعبني المجاز

وسمّيت كلّ امرأة غزالة

ونسيت أن ألتفت إلى غنج قطّة

تتمسّح على ساقي وتلعق كعبي برفق

أتعبني المجاز

وحوّلت وجهة رجال الشّرطة عن موقع الجريمة

حين أشرت إلى نهر الضّوء وكنت أعني دم الضحيّة

فتسابق الشّرطة والقتلة إلى نهر صغير في الجوار !

وتركوا الضحيّة تغرق في الدّماء

لم تكن ليلى قد أكملت فكّ ضفيرتها

حين خرجت في إثر الشّبح

اللّيل انعطافة في ضفيرتها

والصّبح التماعة في خدّيها

هكذا كان يسرقني غزل وراثيّ مستهلك

وإلى الآن.. ببطء تقع عين الشّاعر

على السّاعة المعقودة حول كعبها إذ تمشي

ومع ذلك، تبدّل العالم

وتحوّلت غزالة في الرّوح

إلى قطّة غاضبة تنبش بمخالبها هدأة الحواسّ

والمغنّي يغنّي: "وليلى لم تزل ليلى" !

أتعبني المجاز

وكدت أخلط بين الشّبح وليلى

أجري خلفه فإذا بي أمرّ على حديقة غنّاء

أشمّ وأنا أعبرها شذى موشّح

أتذكّر بعد دقائق بحساب مشية ليلى:

هناك حيث الحديثة التي خلّفت

سقطت أندلس من روحي

فكنّيت عنها بالحديقة

كي لا يجرح ضياعها ذاكرة أطفالي القادمين

أتعبني المجاز

وأنا أحاول أن أحشر تاريخا من الضّجيج

في جيب قصيدتي

فكثّفت الفكرة في شكل شبح يسعه الجيب

لكنّي منذ ألف عام أجري

وإلى الآن لم أمسك بالشّبح !

تم عمل هذا الموقع بواسطة