(1)
حِينَ كَانَ اللهُ يُدِيرُ الْعَالَمَ
كَانَ الشُعَرَاءُ يَتَسَلَّقُونَ الْكَيْنُونَةِ بِاللُّغَةِ وَيَقْفِزُونَ مِنْ عَيْنَيْهِ الْمُضِيئَتَيْنِ بِالرَّحْمَةِ الأبَدِيَّةِ، وَعَلَى ألْسِنَتِهِمُ تَرْقُصُ الْكَيْنُونَةً الَّتِي تُقَالُ بالكَيْفِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، الْكَيْنُونَةُ الَّتِي تُشْبِهُ امْرَأةً مِنْ طِرَازِ الْحُورِيَّاتِ عَلى سِرَاطِ غَيمَةٍ وَتُمَارِسُ تَدْرِيبَهَا الصَّبَاحِي فِي حُقُولِ الْحَمَامْ
وَكَانَ مَارْتِنْ هَايدْغَرْ
يُنْجِزُ الدَّازَايِنَ
فِي الشِّعْرِ.
(2)
حِينَ كَانَ اللهُ يُدِيرُ الْعَالَمَ
كَانَ الشُّعَرَاءُ
يُغَسِّلُونَ الْفَجْرَ عِنْدَ أقْدَامِ الْفُقَرَاءِ يَمْسَحُونَ زُجَاجَ كَلِمَاتِهِمُ بِالْمَنَادِيلِ الْفَرْدَوْسِيَّةِ، وَيُذِيبُونَ شّحْمَةَ النُّقْصَانِ بِالْكَمَالِ الْعَدَنِيِّ، يَصْنِّعُونَ شِبَاكَ الصِّيدِ مِنَ الْمَجَازِ، وَيَتْرُكُونَ الْبَحْرَ فِي لَوْحَةِ الأمْنَيَاتِ، لِتَمْضِي الْمَرَاكِبُ فِي قِرَاءةِ الشِّعْرِ عَلَى مَخَادِعِ الأنَاثِ.
(3)
حِينَ كَانَ اللهُ يُدِيرُ الْعَالَمَ
كَانَتْ الْبُحَيْرَاتُ تَتَفَتَّنُ بِالْهَمْسِ وَتَتَكَسَّرُ فِي مَرَايَا الظِّلَالِ
وَتَتَّكِئُ فِي قَيْلُولَةِ الْمَذَاقِ الْوَسِيمِ
مِثْلَ يُوجِينْ دِيلاكْرُوَا.
(4)
حِينَ كَانَ اللهُ يُدِيرُ الْعَالَمَ
كَانَتْ الأجْنِحَةُ تَنْبُتُ عَلَى السَّنَابِلِ/ الْحُقُولُ عَلى الْفَرَاشَاتِ/ الغَيْمُ عَلَى عُيُونِ الأطْفَالِ
الأطْفَالِ الَّذِينَ يُرْبِكُونَ قَصَائِدَ نَاظِم حِكْمَت
ولا يَغِيبُ عَنْ فِتْنَةِ الشِّعْرِ.
(5)
حِينَ كَانَ اللهُ يُدِيرُ الْعَالَمَ
كُنْتُ أحِبُّكِ كَأُسْطُورَةٍ كَامِلَةِ النُّضْجِ وَقابِلَةٍ لِلتَّقْدِيسِ
فِي جَبْلٍ مِنَ اللَّذَّةِ
فِي حُجْرَةِ الْمَسَاءِ الاسْتِوَائِيِّ
فِي عَرَبَاتِ الْقِطَارَاتِ الْمَهْجُورَةِ
هَكَذَا
أيَّتُهَا السَّفِينَةُ
الْمَمْلُؤةُ بِالْحَلِيبِ.
(6)
حِينَ كَانَ اللهُ يُدِيرُ الْعَالَمَ
كَانَتِ الْبَنَاتُ يَفْتَحْنَ النَّوَافِذَ وَيَضَعْنَ الْقُبَلَ عَلَى الْمَشْرَبِيَّاتِ
وكُنَّا كَعَابِري سَبِيلٍ
نَشْرَبُ شَهَقَاتِهِنَّ لِنَحْيَا عَامًا بَعْدَ عَامٍ
فِي الْعِنَاقِ.
(7)
حِينَ كَانَ اللهُ يُدِيرُ الْعَالَمَ
كُنْتُ أقَبِّلُكِ فِي زُقَاقٍ مِنْ الرَّعْشَةِ
كُنْتِ تَعُضُّينَ سُرَّتِي
كُنْتُ أشُمُّ حَيًّا شَعْبِيًّا يَخْرُجُ مِنْ إبْطَيْكِ كَرَسُولٍ لِلسَلامِ
وَأشْجَارًا مِنَ الْقَرَنْفُلِ فِي بَرْزَخِ الطِّينِ، البَرْزَخِ الَّذِي يَبْكِي فِي غَابَةِ الْمُلامَسَةِ وَحِيدًا
وَيَنْتَفِضُ مِثْلَ عُصْفُورٍ لَحْظَةَ الْعَاصِفَةِ.
(8)
حِينَ كَانَ اللهُ يُدِيرُ الْعَالَمَ
كَانَ يَحْتَفِظُ بِالشُّرُورٍ فِي صُنْدُوقٍ،
اسْمَاهُ؛ جَهَنَّمَ/ الْجَحِيمَ / النَّارَ/ الْحُطَمَةَ/ سَقَرَ/ الْهَاوِيَةَ/ السَّعِيرَ
لَكِنَّ عَامًا بَعَدَ عَامٍ نَهَضَتْ الْعُزَلَةُ/ نَهَضَ الرُّعْبُ/ نَهَضَتِ الْحَرْبُ مِنْ الْمَعَامِلِ الْبِيُولُوجِيَّةِ/ مِنْ الأكْرُوبُولِ الأُمَمِيِّ لِصِنَاعَةِ الرِّقِ / خرَجَ الدُّخَانُ مِن بَيْتِ الْمَسِيحِ/ وخَرَجَ الْمَوْتُ فِي صُورَةِ
.Covid-19
(9)
آهٍ
يَا حَبِيبَتِي
مَا أجْمَلَكِ!
حِينَ كُنْتُ أقْرَأُ السُّكُونَ مِثْلَ نَهَارٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ
وَأنَامُ قُرْبَ عَيْنَيْكِ
لَكِنَّنِي الآنَ
أحُبُّكِ بِرِئَةٍ مَعْطُوبَةٍ
بِآلَةٍ لِلتَّنَفْسِ الاصْطِنَاعِيّ
وَكِمَامَةٍ بِينِي وَبَيْنَ
قُبْلَتِكِ.