عندما كنتُ صغيراً / الشاعر: علي جمال / العراق

عندما كنتُ صغيراً

تحديداً في سنِّ الثالثة عشر،

كانت أمّي تتكلمُ بصوتٍ يتجهُ نحوَ إخوتي بطريقةٍ مُربكة..

وتُشيرُ إليّ بإصبعها المضمّخ بالعَجين وتقول:

ولدي (عليّ)

أنتَ خِصرُ هذه العائلة

أنتَ المذاق الذي عندما يكبر سيُحَدِّثُ الله عن كلِّ شيءٍ لم نأكُلْه !

لِذا سأُخبركَ - وأريدك أن تكونَ بكاملِ حنطتك،

بأنّي انتقيتُ لك زوجةً تليق بكَ و لها القدرة على أنْ تنجبَ منكَ ألواناً كثيرةً وتقومَ بمناداتكَ في المساء "حبيبي أيها التراب"


هُنا كانَ عَلَيَّ أن أكون أكثر  إخوتي هرباً وأن ألوذَ بأيِّ شيءٍ ليس لهُ أُذُنٌ

وأنا أسمعُ بأنَّ شخصاً آخرَ سوف يدخل ملابسي،

-أنا وبدوري كأسْمَر شيءٍ حصل لأبي، وعاشقٍ غامقٍ ليس لهُ طَرَف ولا باب..

كنت أتخيّل امرأتي وأرسمها فوق جدارٍ باردٍ وأقول:

تلك التي ستكون في يومٍ ما؛

شَرْشَف الله في جسدي !!

وهي من تقف بكاملِ  طعمها وتنادي:

"حبيبي أيها الماء"

الآن يا أُمّاه 

ها هو المأزق الأعظم قد أقبلَ بقامتهِ الفارهة ..

متنكّراً بخبزِ تلك الليلة الفارغة من وجوهِ إخوتي،

وينصحنا بأنْ يأكل أحدنا فَتَاة الآخر ..


منذ تلك اللحظة 

ونحن نقف ليتشبثَ بنا أطفالٌ بلا وصف..

منذ تلك اللحظة وامرأتكِ زوجتي وامرأتي باردة،

منذ تلك اللحظة وأنا مازلتُ صغيراً



تم عمل هذا الموقع بواسطة