فُتاتُ أبوذيّةٍ على نهر دجلة / قصيدة للشاعر: عادل بلغيث / الجزائر


الرّصافة ما الرصافة ؟
أتخيّلها مصطبة يقف عليها تلاميذ الأرض
وبعد استظهار محفوظاتهم ..تطلق النار عليهم
&
بغداد 
تتناول الكتب 
أقراصا للنومْ ...
&
كلما شُنّتْ حرب على العراق
يتقاضى العالم شعراء و علماء فيزياءْ
والكثير من تحف السماء
&
في العراق 
تمتدُّ المعاجم كحقول القمح 
وتنهض الكلمات نافضةً رماد المحارق 
لتمارس الريادة على أطلس الأديان 
وأطلس الأيتامْ 
&
للعراق 
اللسانُ وما قبلهُ
حتى أنَّ الدّراّق كان ينادى عليه في أسواق بابل القديمة
"دا رو قو"
&
حين فتّشوا في أرض الرافدين عن أسلحة
ما وجدوا غير مُرُوخ التّفاح مرشوقة
في أحواض ،كما ذكر "ابنُ البصّال" 
&
للعراق 
جنوبٌ يبذل ما لديه من تكنولوجيا
للتّنقيب عن الحسين
وشمال مُقَوَّرٌ للغرقى 
على ضفافه تقفُ الأمهاتُ كـ..مَلَاوي العود
&
للعراق كبرياءٌ أثريّة
لن تلقى متسوّلا يتكيء على باب عشتار 
ولا فقيهَ يلتقم النّقل ويصمت 
ولا إمامَ سوى الغياب
أما الإلهُ فيصعدون إليه ،عبر المئذنة الملويّة 
و أدراج القصائد ...وبخار الأهوار
&
في العراق 
إنْ لم تجد دمعةً فاخترعها 
وإن لم تنتمِ إلى مدينة فليس لك لقب
وإن لم يسجنك دكتاتورٌ سيسجنك موسيقيّ 
&
في العراق يغنّى البُكاءُ 
تُنطَقُ العربيّة بالصوت وصداه 
ويَحمل الطيرُ في جناحيه دفء الفواخير
و تبحث عن مُعلّم لأسماء التّمر 
وتتوهُ بين ما هو ضوء وما هو ماء
&
في العراق 
من قارب سومري تصطاد طائرا وسمكة 
على شمعة واحدة تستذكر شهيدا وحبيبة
وبحذاء الكَلَشْ يتماثل المشي على الصخور 
مع المشي على العصور..
وعلى خدّ واحدِ تهمي التلاوة ونوتات ُمقام الدشت
وفي غابات القصب والبردى يغالبك النعاس والنّضال
&
في العراق
يكتبون باللّباد ويلبسونه 
يطهون الطابوق يوميا ،لبناء ما هدمته القذائف
يرسمون بالحنّاء،وبالقار ،حينَ تُقصفُ الألوان .
&
منذ سنين 
أتذوّق القمر العراقيّ في ليل الكتب
كم هو واسع ويسدّ جوع الحنين
من ميلاد الهلال الى ليالي المِحاقْ،
تنضغط مئات السنوات 
وتُعزف الكمنجة بمشرط دون أنْ تنقطع الأوتار.
&
على من تزايد ؟
وكلّ عراقيّ إنْ لم يضحّ ضحا
وإن لم يعان ، يُعَنْونُ هذا العنان 
وإن لم يملك صحراءه قسّمها إلى ساعات رملية 
وإن استقوى عليه الحزن ،أضعفه بين العتبات
&
إذا انطبق قبر اللفظ على المعنى
أقلّد العراقيّ في تأليف أبوذيّة" :
هجّر القلبَ إلى الشوق وجار 
غيّر القلب مكانا ،صار جاره
غاب وجهٌ أضحت الدنيا عِجارهْ
ما رُويتُ الصّوتَ لو حتّى افتجارا
أوفِ كالريح الصّبا مست حجارة
كم أمدّ الأرض كي اُهدى وِجَارَ 
&
سيّد المظلومين العراق
حين اخترع العجلة سمّوه "ميزوبوتاميا"
حين صنع الصاروخ سموه dies Irae
&
لا قلق 
فـ"أرميا "لمّا سأل الرّب:
لم أنا آخر الأنبياء اليهود ؟
أجابه العراق محتفظا بكفرته ومؤمنيه بلا ضجيج 
&
لا يأس
فالذين خرجوا من العراق 
رقنوا على أرواحهم
مخارجَ السحاب من بطن دجلة
وتقاسيم وجه الغروب المُقَبّبْ 
وتَردُّدَ حلوى "الكاهي" بين الأفران و الأفراح 
&
لا نهاية 
فالحضارات مازالت تأكل بملاعق من عظم 
لكنّ القبور لن تأخذ شكل دائرةِ أبدا 
والانسان قد يُبعثُ من شقّ تمرة 
و العراق فقد الأمراء ،وما فقد الصّيّادين
&
لا بداية 
أوضحَ من بدئنا الأول 
تقنية نقل الدم لم توقف الدم
مشاتل الورد في دبيّ لم تبهر الرسام بعد
تمثال الحريّة مهاجر إيطاليّ ..
الهندي لم يتأثر شَعره الحريريّ بمثالب الكيمياء .
الافريقي كلما أعطى لونه للكنيسة ،عمّت الحريّة
العراقيّ قويٌّ ما علت في سمائه طائرات الورق .

تم عمل هذا الموقع بواسطة