نصوص للشاعر: عيسى العبادي / العراق


لي عالياً هذا المساءْ لي عالياً أبداً
-1-
تَهَيَّأَتْ مفاصلي لابتكارِ طوقٍ لكِ،
فانبرى خصركِ مُنذهلاً،
وعاد من رحلتهِ الجامحةْ،
أثداؤكِ تنمو في رنينِ الأصابعِ ،
وأنا،
 أقود عصراً من الليالي لاقتحام النهارْ.
-2-
صائحةً تنهضُ الحجارةُ ،
تًصهلُ ألأصابعُ ،
ينفلتُ الضوءُ ،
يرتبكُ الوقتُ ،
من هنا يبدأُ عصرٌ آخرٌ لابتكاركِ .
ـ 3 ـ
تَجَوْهَرْتُ في الشّرقِ، 
تَحضَّرتُ مُنْسلخاً ، 
لاختتام بيتٍ لإسمي ,
فانبرتْ حُشودٌ لاشكلَ لها ،
ولاهيأةٌ لمداها،
قُلتُ مَنْ ؟
قيلَ نحنُ؟
وما من هيأَةٍ يراها الفضاءْ.
ـ 4 ـ
في التكوينِ , في البدءِ ،
إذْ أبدأُ مُبتكراً أرضي ،
مضيئاً، 
بشراً آخرينَ ، 
ووقتاً آخرَ ، 
وذاكرةً تبدأُ ..
في السينِ والتكوينِ ، 
في الترابِ ناراً وماءً وسيناً ، 
وأسئلةً أُخرى ،
أجدُ حُلُماً لامتدادٍ ، 
ووقتاً بقميصٍ أبيضٍ ،
لايرى قطرةً حمراءَ للبنفسجْ ..
إنبثقي ، 
ليكونَ الفضاءُ وجهاً ، 
لرائحةٍ وجسدْ ،
وجهاً ، 
لرفضٍ ورفضٍ ورفضٍ،
هو ذا البدءُ لا يعرفُ المنتهى .
ـ 5 ـ
الشرقُ لي ونقيضهُ،
بدؤهُ ومنتهاهُ ،
كيفَ احتفلنا معاً ، 
واختلفنا معاً، 
ورأينا إلهاً واحدا ً،
وصوتاً واحداً ، 
وصمتاً لبدءٍ لايعرف المنتهى ؟
ـ 6 ـ
سماءٌ تحثُّ الخْطى في السهولِ، 
يَسّاقطُ من أطرافها ،
شعركِ مبتسماً، 
وأنت مِايصلُ العظمَ بالقلبِ ، 
رائحتي بالنساءِ، 
يدي بالكلماتِ ، 
وما يصعدُ بالروحِ.. 
فكيفْ ؟ 
كيفَ انتحتْ كل التلالِ،
لتمشي السماءُ ناحلهً، 
حافيةَ القدمينِ تمشي، 
والعرباتُ ، 
مبللةٌ بالفتياتِ، 
وبقايا زهرةٍ حمراءَ ، 
هاربةٍ من الموتِ،  
سقطَ الزمانُ تحتَ أقدامِ الطفولةِ،
مَرَّ النهارُ سريعاً، 
ومضينا في السهولِ، 
وما منَ جَبَلَّ. 
- 7 -
في الطُرقاتِ، 
في الحدائقِ محزمةً بالفراشاتِ والازرقْ،
تنمو طفولةٌ ،
يصّاعدُ البنفسجُ ،
يضيءُ المطَرْ، 
وعطرٌ يبللُ قمصاننا ،
إذْ نمرُّ .
ـ 8 ـ
كنّا معاً ،
كانت العصافيرُ تبهجنا في الصّباحِ، 
ونحنُ قبلَ أحلامنِا ،
نَتَقًدُّم الضياعْ، 
نبحث عن شكلٍ لطفولةٍ تقبلُ، 
عن فأسٍ وغيومٍ وهدوءٍ، 
وبقايا كلماتْ .. 
هل قالَ بريقُ عينيكِ حكمَتهُ ؟
هل تحفَّزَ شعركِ ليقولَ شيئاً؟  
ضاق الزّمانُ بنا ، 
تَهشَّمَ الوقتُ في يديكِ.
ـ9ـ
يبرحُ النهارُ ،
مَكانَهُ، 
يبَرحُ الوجوهَ والاَّغاني ،
ومثلما يضيءُ تاريخَهُ، 
يمرُّ فوقَ الجرحْ ،
رافعاً معاولَ الزَّمانِ .. 
- 10 -
كُنّا معاً، 
كانَ النهارُ وجهاً ،
كانَ النهارُ حَشْداً من الفتياتِ، 
طُرقاً ترابُها الربيعْ، 
وباسم ميلادناِ ، 
كان النهارُ يحيا،
حولهُ كرادلةٌ يغنون للمنفى،
لرطوبةِ العظامِ ، 
ورائحة ِالعيونِ، 
وباسم حشدٍ من الطفولاتِ ، 
ينبجسُ الموتُ، 
مياها ضاحكةً وممزقةْ، 
لتقرأ المراثي،
حياةٌ ، 
تقبلُ ، 
راكضةً في الهشيْم. 
ـ11ـ
سريراً  ،
لجثّةِ الغبارْ، 
رسمتُ وجهكَ العليْ ،
لصرخةِ الفضاءِ والعبارةْ،  
سريراً،
لجثًة ِالنهاْر، 
رسمتُ تاريخكً القصيّ.
ـ 12 ـ
البداياتُ نحنُ ،
يدانِ تبتسمانِ ،
وموتٌ يضيءُ . 
ـ 13 ـ
يتكسّرُ الوقتُ،
 طوفاناً من الكلماتِ والاحياءِ والأمواتِ، 
هي ذي سيرة البدءِ والمنتهى.
ـ 14 ـ
رَفَعَ اَلصوتُ عصيانهُ، 
ونداءاً خشناً ليدينِ دامعتينِ، 
لم يكن الصمتُ بيتاً ،
كان أنفاقاً طويلةً من الليلِ ،
فكم من النهاراتِ ،
 تحتاج أقدامنا ،
لضحكتها الأولى  ؟ 
وكم من الهدوءِ ،
تحتاجُ الرؤوس ،
لنفي ضجيج هذا العصرْ ؟
- خشناً ، 
سَقَطَ النداءُ علينا ،
وآلامنا ، 
ترفع ابتساماتها ، 
ما تزال.
ـ 15 ـ 
في العلاءِ سيلٌ من الأخطاءِ،
تقدَّسْتِ وقتاً ،
حكمةً مُهشمةً ، 
ونساءً ضليلاتٍ، 
تقدَّستِ مُربكةً.
ـ 16 ـ
كيف اهتديتِ لشساعة الأطرافِ،
لامتدادي على تكسُّر الوقتِ ،
 وانهماري فَظيعاً ؟
-17- 
لي عالياً هذا المـســاءْ،
لي عالياً أبداً.
- 18 -
مُتقدماً فخاري، 
ماحياً مقبرةَ العصرِ،
هي ذي سمتي، 
ألفضاءُ داري ،
والرياحُ أوسمتي، 
وأنتِ في مُطلقِ الروحِ، 
تحيينَ هائمةً في المطرْ. 
- 19-
في الربّيعِ ، 
تتندى العظامُ ،
يتفتَّحُ ظِلٌ ،
 لنهارِ ، 
تحتَ جلدي ،
أخطو سريعاً، 
لأُخرجَ الوقتَ من وحدتهِ،
وجهكِ من مخالبِ الليلِ ، 
تبكي رائحةُ الإبطينِ بين يَدَيْ،
فّاَصعد الآنَ ، 
مرتفعةٌ ، 
كما ينبغي أرضي،
الوِّحُ لأزهاركِ صائحاً،
تمجدت أميرةَ روحي وحصاري ونفيي،
تمجدتِ ،
تقدَّستِ،
 مُطْلَقَةً في الفراغْ ....
...................................

تم عمل هذا الموقع بواسطة