وحيدٌ على أرصفة الطلسم وقد يعترف / الشاعر: عبدالرحيم حسن حمدالنيل / السودان

إنه الشقاء يكتب إسمه في الدروب، الشقاء الأم، شاهدُ التجارب، الثري ثراء الرمز، العائد من سفر البدء،
الشقاء الذي دحرج الأرض مذ تفجرت فيها الينابيع والنار، وحرس الإنسان بساعديه من وصمة البستان الخالد، الشقاء القناص، الملوِّن لورقة المقادير والطبائع في اللوح.
وأنت في معملك المُمتَحن بالظلال والنقوش، تمسّد عضلات اللحظة بالتيه وتتلو حرائقك الوحيدة، قربك تنمو قيامات وأكاذيب، وفي يدك تعشعش مدنٌ من البراثن،
فكيف تجلس هنا هانئاً، والنهر يُهرِّب جثتك إلى تلك اللحظة التي خلعت فيها إسمك على طاولةٍ تفيض برائحة قصب السكر المحروق..ومضيت.
من أين أخذت هذه الأسماء التي تنبض مثل قلب وليد؟
هذه الرؤى الممسوخة؟
هذا القوس الذي تزهر حوافه بالمسالخ؟
هذا اللحن المكتنز بالسحر؟
لكنك المنزوع من سياق المجرة،
ظلامٌ مشرع بأنفاس الذهول، يتجلى في جمال الشغف النبي، منثور في أفلاك تتجمهر على حواف العناصر،
لكنك المنزوع عن سياقه،
مبتورٌ مثل مقصلة عمياء تتجرد من شهوة القتل،
كيف لك أن تشيخ في يومك الأول، هنا، في هذا البرزخ الرطب، المعطون بطفولة الآلهة والنواميس،
ما الوقت؟
ما الوقت الذي يتسول عشبة العبور إلى يومك؟
ما يومك؟
هل سواك؟
انكسر كتفك من ثقل الوحدة، وانتشر اسمك في سحابة الخذلان،
وحيداً،
لكنك المنزوع، من سياقاتك كلها،
مذ ناديت جروح الكوكب في الهزيع الأول من الأزل،
وجلست وحيداً في الجغرافيا،
على أرصفة الطلسم
تونِّس جثتك.
- - —
من مخطوط (وحيدٌ على أرصفة الطلسم وقد يعترف)
تم عمل هذا الموقع بواسطة