قراءة انطباعية لنص "لا فصول عندي" للشاعرة: رشيدة الشانك/  بقلم الناقد: أحمد اسماعيل


حين قرأت ها هنا أدركت ما معنى الشعر
ماهي الرسالة التي يحملها الشعر و الأدب
كيف يتحول سلاح القلم جبلا ليقف في وجه دبابة
وهذا واضح و جلي من العتبة العنوانية
فالشاعرة وضعت عنوانا عميقا لايمكن تجاوزه أو المرور عليه مرور العابر
لا فصول عندي
قد يتساءل البعض لماذا بدأت الشاعرة العنوان بالنفي
وماهو الشيء الذي استقرت عليه
حتى تنفي فصول روحها و ذاتها
هنا لا نأخذ النفي بمعنى أن ذاتها متصحرة وجافة
بل هي ربيع تعشوشب به الذات دائما
لكن كيف يكون ذلك؟
ببساطة حين تركب على زورق الكلمة وتمضي به إلى شاطئ تستقر به نفسها و روحها
و لا يكون ذلك إلا عندما تمارس طقوسا يسميها البعض جنونا وتسميها هي ومن يدرك ذاتها ويفهم معاني.. الشعر
لذلك كان مطلع النص بمقابلة لمعنى الموت
فهي تعتبر الموت انبعاثا و خروجا عن المألوف او نمط جديد تتعايش به
وحتى تسكب معنى اللذة في الشعر
وأنه لا يجب ان يكون شيئا عاديا
فالشيء العادي مثلا أن الغيمة تتشكل في السماء
أما الشاعر بلمسة سحره وعطر بنانه يمكن أن يشكلها حتى في السروال
و هذا المثال لم تضعه الشاعرة عبثا
بل حتى تجعل أيضا من وعي المتلقي خارجا عن النمطية و المألوف
وهذه حنكة وبراعة في النسج تمنح الصورة إيقاعا ساخنا يستنزف بصيرة المتلقي
في المقطع الثاني تسمو مبدعتنا بمعنى الشعر
لتعود لفلسفة العنوان
فهي هنا فالشعر يتمازج مع ذاتها ليتمثل الشعر كانثى
كل شيء تلامسه يعشوشب و يمتلئ خضرة و نضارة
فالشعر هو الملاذ لكل الهائمين بالحب و التاريخ لم يبخل بذكرهم بل خلدهم
ك مجنون ليلى و كثير عزة ووووو
والخلود هو ذاك الربيع الذي لايزول
فأصحابه زالو و بقي الشعر صامد يروي صداهم
لكن كيف السبيل إلى خلود الشعر
طبعا ذلك بسيط حين يكون بطعم الدهشة
يكون فيها الانزياح رقصا مع الجنون تارة يحملك لجنة المعنى وتارة لجحيم الألم الذي تسقطه على الواقع
في المقطع الثالث تأخذنا الشاعرة في رحلة ومغامرة فضائية لترسم لنا كيف يأتي وحي الشعر
فالفكرة كنيزك يبرق في ذهنك
يتحرك معها معجمك اللغوي لترسم بها مدينة تطفئ بها شتاء روحك
وهنا تشير إلى أن هذا الانبعاث الشعري لا يحدث عبثا
هو وليد ذاك الإحساس الذي يتربع في ذاتك
وهنا أيضا إشارة إلى أن هذا الوحي لا يمكن أن يكون كحلم أو عن طريق الصدفة
فالشعر يحفر مجراه عميقا و يعرف من أين يتدفق و أين مصبه
في المقطع الرابع
تشير شاعرتنا إلى مدى المسافة التي أصبحت تفصل الشعراء عن كلمة الشعر في عصرنا الحالي
وكأن الشعر موضة
الكل يعبر فيها اللباس المعروض و يسميها شعرا
لذلك وصفت شاعرتنا أننا في مرحلة وباء مستشري و فكل من امسك قلما يسمي نفسه شاعرا
بل أننا تجاوزنا تلك المهزلة لشيء أفظع فالكل يوزع أوسمة دكتوراه و ينتخبون سفراء لكذا و كذا ووو
لذلك اعتبرتهم شاعرتنا شعراء الصف الخامس
و هذا واضح و جلي من خلال الواقع
فهم يمجدون الحروب وانظمة الاستبداد التي تصنعها وتصفها بالقدسية
يكتبون في ما هب و دب وكل شيء رخيص يشبه طريقة تفكيرهم
أما المقطع الخامس فهو قفزة فكرية مبتكرة تصور فيها مبدعتنا كيف يتحول القلم والشعر لسلاح جبار يمكنه أن يقف في وجه أنظمة الاستبداد وينشر الوعي بين الشعوب لتصنع تحررها بيدها
فهنا نشاهد كيف تسلط مبدعتنا الضوء على عدم اتعاظ الحاكم المستبد
وذلك بتناص قرآني مبهر
فهو لا يقرأ اساطير الأولين لأن جنون العظمة يعمي بصيرته
هو يحب الوطن على طريقته الانانية
فالوطن نهر غزير يتدفق ليزيد ثروته
يسور جبال الأطلس لتهبه كل جنونها
و حين يسأل لم كل هذا الوطن تعيس وفقير ويموت من الجوع
يخبرهم بمدى حبه للوطن و مدى ظمأ الوطن لقيادته الحكيمة
أما القفلة فهي مشعلة بحد ذاتها
و هي إضافة ساحرة للنص
حين تقول أن هذه الأفكار من صميم أفكار المبدعة آمال الرحماوي التي نشرت فكرة أن السبيل لنهضة الشعوب وتحرر فكرها هو الشعر ولذلك استقطبت أحد دواوينها الشعرية
يد ملطخة ليس بورد
حقيقة نحن أمام نثرية باذخة بمجازها وطرحها لفكرة نوعية وهو الشعر
ماهو الشعر
وكيف يولد
وما هي ماهيته
ولماذا يلجأ إليه
وكيف تستقيم به الذات و الأوطان
دامت لك نعمة العطر أ.رشيدة الشانك
بقلمي أحمد اسماعيل / سورية
-----------------------------------------------------------------------
نص الشاعرة  
لا فصول عندي ..
"ليست الطريقة الصحيحة للموت"
ماياكوفسكي
موتك صديقي النائم
في المطلق :
"خروج عن النص "
عبور الى ضفة الاخرى
اخراج جديد لقصيدة
"غيمة في سروال"
لا فصول عندي
قلبي يُمطر دائما
يالله
انا حبيبة الهاربين
من جحيم وردة..كف مانحة
كيف تبحثُ عن دهشة !
في أسوأ كوابيسي
في صور لا تشبهني
مسودات ما لم يكتب
أنا حبيبة الهاربين
من غزوةِ حب
قطع البازل
سقطات ذاكرة
لمدينة الشتاءات
شتاءات تنزف بالاشارات
الاشارات دائما صديقي النائم
لا تَحدث عبثا .
تخبرنا
ان المسافات يفصلها
خِراف الرب الضالة
المنسيون في زمن الكرونا
شعراء الصف الخامس
كيف..
تتساقط انتماءاتنا "بالباراشوت"
لغابة غانية ..
فأس لعينة
لحطاب انهكته اسطورة
انه يد الله المقدسة
لم يقرا أبي
اساطير الأولين ،
تاريخ المهرجين ،
لكن أحب الغابة..النهر..خبز أمي
العيون التي رصدته
يخيط جداول الأطلس
يقرأ تميمة ظمأ الله
كتبته بيد ملطخة ليس بورد
صديقتي امال الرحماوي


تم عمل هذا الموقع بواسطة